فصل: مقتل خالد بن عبد الله القسري.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة هشام بن عبد الملك وبيعة الوليد بن يزيد.

توفي هشام بن عبد الملك بالرصافة في ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة لعشرين سنة من خلافته وولي بعده الوليد ابن أخيه يزيد بذلك كما مر وكان الوليد متلاعبا وله مجون وشراب وندمان وأراد هشام خلعه فلم يمكنه وكان يضرب من يأخذه في صحبته فخرج الوليد في ناس من خاصته ومواليه وخلف كاتبه عياض بن مسلم ليكاتبه بالأحوال فضربه هشام وحبسه ولم يزل الوليد مقيما بالبرية حتى مات هشام وجاءه مولى أبي محمد السفياني على البريد بكتاب سالم بن عبد الرحمن صاحب ديوان الرسائل بالخبر فسأل عن كاتبه عياض فقال: لم يزل محبوسا حتى مات هشام فأرسل إلى الحراق أن يحتفظوا بما في أيديهم حتى منعوا هشاما من شيء طلبه ثم خرج بعد موته من الحبس وختم أبواب الخزائن ثم كتب الوليد من وقته إلى عمه العباس بن عبد الملك أن يأتي الرصافة فيحصي ما فيها من أموال هشام وولده وعماله وخدمه إلا مسلمة بن هشام فإنه كان يراجع أباه في الرفق بالوليد فانتهى العباس لما أمر به الوليد ثم استعمل الوليد العمال وكتب إلى الآفاق بأخذ البيعة فجاءته بيعتهم وكتب مروان ببيعته واستأذن في القدوم ثم عقد الوليد من سنته لابنيه الحكم وعثمان بعده وجعلهما وليي عهده وكتب بذلك إلى العراق وخراسان.

.ولاية نصر للوليد على خراسان.

وكتب الوليد في سنته إلى نصر بن سيار بولاية خراسان وأفرده بها ثم وفد يوسف بن عمر على الوليد فاشترى منه نصرا وعماله فرد إليه الوليد خراسان وكتب يوسف إلى نصر بالقدوم ويحمل معه الهدايا والأموال وعياله جميعا وكتب له الوليد بأن يتخذ له برابط وطنابير وأباريق ذهب وفضة ويجمع له البراذين الغرة ويجمع بذلك إليه في وجوه أهل خراسان واستحثه رسول يوسف فأجازه ثم سار واستخلف على خراسان عصمة بن عبد الله الأسدي وعلى شاش موسى بن ورقاء وعلى سمرقند حسان بن من أهل الضغانيان وعلى آمد مقاتل بن علي الصغدي وأسر إليهم أن يداخلوا الترك في المسير إلى خراسان ليرجع إليهم وبينا هو في طريقه إلى العراق ببيهق لقيه مولى لبني ليث وأخبره بقتل الوليد والفتنة بالشام وأن منصور بن جمهور قدم العراق وهرب يوسف بن عمر فرجع بالناس.

.مقتل يحيى بن زياد.

كان يحيى بن زياد سار بعد قتل أبيه وسكون الطلب عنه كما مر فأقام عنه الحريش بن عمر ومروان في بلخ ولما ولي الوليد كتب إلى نصر بأن يأخذه من عند الحريش فأحضر الحريش وطالبه بيحيى فأنكر فضربه ستمائة سوط فجاء ابنه قريش ودله على يحيى فحبسه وكتب إلى الوليد فأمره أن يخلي سبيله وسبيل أصحابه فأطلقه نصر وأمره أن يلحق بالوليد فسار وأقام بسرخس فكتب نصر إلى عبد الله بن قيس بن عياد يخرجه عنها فأخرجه إلى بيهق وخاف يحيى بن يوسف بن عمر فسار إلى نيسابور وبها عمر ابن زرارة وكتب عمر بن زرارة بذلك إلى نصر فكتب إليه يأمره بحربهم فحاربهم في عشرة آلاف فهزموه وقتلوه ومروا بهراة فلم يعرضوا لها وسرح نصر بن سيار مسلم بن أحور المازني إليهم فلحقهم بالجوزجان فقاتلهم قتالا شديدا وأصيب يحيى بسهم في جبهته فمات وقتل أصحابه جميعا وبعثوا برأسه إلى الوليد وصلب بالجوزجان وكتب الوليد إلى يوسف بن عمر بأن يحرق شلوزيد فأحرقه وذراه في الفرات ولم يزل يحيى مصلوبا بالجوزجان حتى استولى أبو مسلم على خراسان فدفنه ونظر في الديوان أسماء من حضر لقتله فمن كان حيا قتله ومن كان ميتا خلفه في أهله بسوء.

.مقتل خالد بن عبد الله القسري.

قد تقدم لنا ولاية يوسف بن عمر على العراق وأنه حبس خالدا أصحاب العراق وخراسان قبله فأقام بحبسه في الحيرة ثمانية عشر شهرا مع أخيه إسمعيل وابنه يزيد بن خالد والمنذر ابن أخيه أسد واستأذن هشام في عذابه فأذن له على أنه إن هلك قتل يوسف به فعذبه ثم أمر هشام بإطلاقه سنة إحدى وعشرين فأتى إلى قرية بإزاء الرصافة فأقام بها حتى خرج زيد وقتل وانقضى أمره فسعى يوسف بخالد عند هشام بأنه الذي داخل زيدا في الخروج فرد هشام سعايته ووبخ رسوله وقال: لسنا نتهم خالدا في طاعة وسار خالد إلى الصائفة وأنزل أهله دمشق وعليها كلثوم بن عياض القشيري وكان يبغض خالدا فظهر في دمشق حريق في ليال فكتب كلثوم إلى هشام بأن موالي خالد يريدون الوثوب إلى بيت المال ويتطرقون إلى ذلك بالحريق كل ليلة في البلد فكتب إليه هشام بحبس الكبير منهم والصغير والموالي فحبسهم ثم ظهر على صاحب الحريق وأصحابه يزيد كتب بهم الوليد بن عبد الرحمن عامل الخراج ولم يذكر فيهم أحدا من آل خالد ومواليه فكتب هشام إلى كلثوم يوبخه ويأمره بإطلاق آل خالد وترك الموالي فشفع فيهم خالد عند مقدمه من الصائفة فلما قدم دخل منزله وأذن للناس فاجتمعوا ببابه فوبخهم وقال: إن هشاما يسوقهن إلى الحبس كل يوم ثم قال خرجت غازيا سامعا مطيعا فحبس أهلي مع أهل الجرائم كما يفعل بالمشركين ولم يغير ذلك أحد منكم أخفتم القتل؟ أخافكم الله والله ليكفن عني هشام أو لأعودن إلى عراقي الهوى شامي الدار حجازي الأصل يعني محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وبلغ ذلك هشاما فقال: خرف أبو الهيثم ثم تتابعت كتب يوسف بن عمر إلى هشام يطلب يزيد بن خالد فأرسل إلى كلثوم بإنفاذه إليه فهرب يزيد فطلبه كلثوم من خالد وحبسه فيه فكتب إليه هشام بتخليته ووبخه ولما ولي الوليد بن يزيد استقدم خالدا وقال أين ابنك؟ قال: هرب من هشام وكنا نراه عندك حتى استخلفك الله فلم نره وطلبناه ببلاد قومه من الشراة فقال: ولكن خلفته طلبا للفتنة فقال: إنا أهل بيت طاعة فقال: لتأتيني به أو لأزهقن نفسك فقال: والله لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه فأمر الوليد بضربه ولما قدم يوسف بن عمر من العراق بالأموال اشتراه من الوليد بخمسين ألف ألف فقال له الوليد: إن يوسف يشتريك بكذا فاضمنها إلي قبل أن أدفعك إليه فقال: ما عهدت العرب تباع! والله لو سألتني عودا ما ضمنته فدفعه إلى يوسف فألبسه عباءة وحمله على غير وطاء وعذبه عذابا شديدا وهو لا يكلمه ثم حمله إلى الكوفة فاشتد في عذابه ثم قتله ودفنه في عباءة يقال: إنه قتله بشيء وضعه على وجهه وقيل وضع على رجليه الأعواد وقام عليها الرجال حتى تكسرت قدماه وذلك في المحرم سنة ست وعشرين ومائة.